رقم العضوية : 1عدد مساهماتي : 1096نقاط : 7001إنظم للمعهد : 23/07/2010الجنس : الموقع : معهد بيت الحكمة
موضوع: تونس: ثورة الشعب التونسي...معهد بيت الحكمة الخميس يناير 27, 2011 4:48 pm
مع الزمن ثورة الشعب التونسي
د. هتون أجواد الفاسي
لا يمكنني الكتابة في أي شيء حتى أشفي نفسي من شيء من ثورة شعب تونس. وماذا يمكن أن أقول ولم يُقل ولم يُكتب ولم يُشعر من المحيط للخليج ومن بحر الشمال إلى رأس الرجاء الصالح؟ وعلى الرغم من ذلك أجد أني يجب أن أتوقف عند هذه الأيام التي نشهد فيها ليس كتابة تاريخ فحسب وإنما صنعه أيضاً. ولعل الفارق في هذه الثورة التي أتت على بغتة من غفوة وأمن الطغاة أنها لم تتمخض عن ظهور زعامات ولا قادتها قيادات مشهورة بل إن الشخصية الوحيدة التي كان لها أن تقود هذه المسيرة قد توفاها الله قبل أن تكحل عينها بهروب بن علي المخزي وتنقله بطائرته بين الجزر والقارات، وما شاه إيران منه ببعيد.
وربما أننا نشهد لأول مرة ثورة شعب بالمعنى الحرفي للكلمة. فهذا الشعب الذي لا نعرف أياً من أفراده يعمل كوحدة متسقة وكأن قادة مخضرمين يقودونه نحو الاستمرار في الاعتصام في المسيرات في الاحتجاج في رفع الرايات التي تعبر عن مطالبه بسقوط الحكومة الانتقالية التي تريد أن تجهض الثورة، بالتعبير البليغ الواعي عن حقوقهم وعدم تراجعهم عن المكتسبات التي جنتها دماء الشهداء حتى اليوم. تحايل النظم الدكتاتورية بتغيير جلدها والادعاء بأنها "فهمت" الآن وأنها عرفت حق الشعوب عليها وبمآل الاستبداد، لم يعد ينطلي حتى على الأطفال، فما بالك بشعب تنفس هواء نقياً بعد ربع قرن من توقف النبض والضرب في طواحين هواء.
الدروس المستفادة لا حصر لها وهي نفسها التي تكررها كتب التاريخ والتي عُرف عن كثير من الرؤساء والحكماء الحرص على مذاكرتها للاتعاظ والتعلم من أخطاء وتجارب السابقين. لكن الملاحظ أن ظاهرة قلة القراء في العالم العربي تبدأ من أعلى الهرم الذي لا شك أنه لا يقرأ تلك المواعظ وإلا لكان بن علي أول من اتعظ، ولكان بقية الإهرامات أخذت تتعظ هي أيضاً. ربما أبالغ بعض الشيء لأننا لاحظنا فور هروب الرئيس عدداً من الدول العربية تقوم بتقديم "تنازلات" لشعوبها تعتبر حكيمة وإن كان من المهم أن يتبعها إجراءات أكثر دواماً.
ففى سوريا، تقرر زيادة دعم وقود التدفئة، فى تحول واضح لسياستها، حيث كانت تعمل على خفض الدعم عن الوقود خلال السنوات الماضية. وفى السودان، هددت الأحزاب السياسية المعارضة ب«انتفاضة شعبية» للإطاحة بالحزب الحاكم، وطالبت المعارضة بإلغاء زيادة الأسعار، وإقالة وزير المالية وحل البرلمان، كما قامت عدد من الدول العربية الأخرى بإجراءات شبيهة.
وعلى الرغم من ذلك لم يغير ذلك بعد من غضب الشعوب العربية من الفساد والبطالة والانهزامية ومصادرة حقوق التعبير وقبل كل شيء مصادرة الحرية والكرامة. وأخذ النموذج التونسي في التعبير الأولي في السريان في نسيج العالم العربي، فأشعل مواطنون جائعون وعاطلون ومحتجون سياسيون على أوضاع بلادهم بدءاً من موريتانيا وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان الحكومة الموريتانية عن اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة ارتفاع الأسعار فى البلاد، إلى مصر التي بلغ عدد من أشعلوا النيران في أنفسهم احتجاجاً أربعة، توفي أحدهم، إلى الجزائر، إلى اليمن التي صاحب ذلك مظاهرات عارمة في جامعاتها. وما زالت الأحداث غضة تتفاعل وتأخذ مسارات غير متوقعة كل يوم، وكأنه التاريخ تخطه شعوب هي منا ونحن بعض منها في أننا المعاش ولكل نصيب، ودوام الحال- لاسيما الظلم- من المحال.
موضوع: تونس: ثورة الشعب التونسي...معهد بيت الحكمة 
الخميس يناير 27, 2011 4:48 pm
