5- وقال الحافظ أبن كثير الدمشقي الشافعي في تفسيره:
(..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ
الْغُرُوبِ) وكانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء ثنتان قبل طلوع الشمس في
وقت الفجر، وقبل الغروب في وقت العصر (إلى أن قال): صلاة الصبح والعصر فهما
قبل طلوع الشمس وقبل الغروب: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي فصلّ له،
(وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) قال أبن أبي نجيح عن مجاهد عن أبن عباس: هو
التسبيح بعد الصلاة.
والقول الثاني: أن المراد بقوله: (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) هما الركعتان
بعد المغرب. وروي ذلك عن عمر، وعلي، وأبنه الحسن، وأبن عباس، وأبي هريرة،
وأبي أمامة، وبه يقول مجاهد، وعكرمة، والشعبي، والنخعي، والحسن، وقتادة
وغيرهم)(77).
6- وقال جلال الدين السيوطي في تفسيره:
(..أخرج الطبراني في (الأوسط)، وابن عساكر عن جرير بن عبد الله عن
النبي(صلى الله عليه وآله) في قوله: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) قال : قبل طلوع الشمس صلاة الصبح،
وقبل الغروب صلاة العصر..وأخرج ابن جرير عن أبن زيد في قوله:(وَمِنْ
اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) قال: العُتمة، (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) النوافل.
وأخرج أبن جرير عن مجاهد (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) قال: الليل كله..
وأخرج أبن المنذر، وأبن نصر عن أبي تميم الجيشاني قال: قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله) في قوله (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) هما الركعتان بعد
المغرب)(78).
وأكثر السيوطي من نقل الروايات في هذه المعاني.
7- وقال الجلالان في تفسيرهما:
(..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) صلّ حامداً (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أي
صلاة الصبح، (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) أي صلاة الظهر والعصر، (وَمِنْ
اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي صلاة العشائين (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) بفتح
الهمزة جمع دبر، وبكسرها مصدر أدبر، أي صلّ النوافل المسنونة عقب
الفرائض)(79).
8- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره:
(..(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) هما وقت الفجر والعصر،
وفضيلتهما مشهورة، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) وسبحه بعض الليل
(وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) وأعقاب الصلوات، جمع دبر، وقرئ بالكسر من أدبرت
الصلاة إذا انقضت وتمت، ومعناه وقت انقضاء السجود. وقيل: المراد بالتسبيح
الصلوات، فالمراد بما قبل الطلوع صلاة الفجر، وبما قبل الغروب الظهر
والعصر، وبما من الليل العشاءان والتهجد، وما يصلّى بأدبار السجود النوافل
بعد المكتوبة)(80).
9- وقال الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره:
(..(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) أي وقت الفجر، ووقت
الظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي وسبّحه بعض الليل
(وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) وأعقاب الصلاة، ومعنى هذا أن يقول: سبحان الله
والحمد لله في أحوال أربعة وقت الفجر، ووقت الظهر والعصر، أو العصر فقط،
وفي الليل، وعقب الصلوات، فيكون التسبيح على ظاهره.
وقيل: أن التسبيح نفس الصلاة فيكون صلاة الفجر، وصلاة الظهر والعصر، وصلاة
المغرب والعشاء، والرابع النوافل بعد الصلوات. وإنما سميت هذه الصلوات
تسبيحاً تسميةً بالجزء منها وهو ما في الركوع والسجود من التسبيح، فالتسبيح
على الأول خارج الصلاة، والتسبيح في الثاني صلاة وتسبيح داخل فيها، ولا
جَرَم أن الحمد مذكور في (الفاتحة) والتسبيح في الركوع والسجود، ومعنى
(وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) وقت انقضاء السجود كقولهم (آتيك خفوق النجم) وفي
حديث البخاري عن أبن عباس قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن
يُسبّح في أدبار الصلوات كلها، يعني قوله (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ)..)(81).
10- وقال الأستاذ سيد قطب في تفسيره:
(وطلوع الشمس وغروبها ومشهد الليل الذي يعقب الغروب..كلها ظواهر مرتبطة
بالسماوات والأرض. وهو يربط إليها التسبيح والحمد والسجود، ويتحدث في
ظلالها عن الصبر على ما يقولون من إنكار للبعث وجحود بقدرة الله على
الإحياء والإعادة. فإذا جوٌّ جديد يحيط بتلك اللمسة المكررة، جو الصبر
والحمد والتسبيح والسجود، موصولاً كل ذلك بصفحة الكون وظواهر الوجود، تثور
في الحس كلما نظر إلى السماوات والأرض، وكلما رأى مطلع الشمس، أو مقدم
الليل، وكلما سجد لله في شروق أو غروب)(82).
الآية الثامنة والتاسعة في سورة الطور:
قال تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48)وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَإِدْبَارَ النُّجُومِ).
التحقيق حول الآيتين الكريمتين:
كثرت أقوال الفقهاء والمفسرين ورواياتهم حول هاتين الآيتين وتفسيرهما(83) وترجع مجموع تلك الأقوال إلى ثلاثة:
أولها- أن المراد من التسبيح الصلاة المفروضة والأمر بها في هذه الأوقات
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) أي من نوم القائلة(84) وهو وقت
لصلاتي الظهر والعصر،َ(مِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) وهو وقت لصلاتي المغرب
والعشاء، (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) أي أعقاب غياب النجوم وهو وقت لصلاة
الصبح.
ثانيها- أن المراد من التسبيح هو ذكر الله بتسبيحه وحمده، وذلك إنك إذا قمت
إلى الصلاة المفروضة فقل: سبحانك اللهم وبحمدك، أو إذا قمت من المجلس أو
أي مكان فقل: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أغفر لي وتب علي. وروي
هذا (مرفوعاً) عن النبي (صلى الله عليه وآله) وإنه كفارة المجلس، وروي عن
علي أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال: (من أحب أن يكتال حسناته
بالمكيال الأوفى فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه: سبحان ربك رب العزة عما
يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين). وعلى هذا يكون المعنى:
لا تغفل عن ذكر ربك صباحاً ومساء وليلاً، ونزَهه في جميع أحوالك بهذه
الأوقات فأنه تعالى لا يغفل عنك وعن حفظك.
ثالثها- أن التسبيح المأمور به في الآيتين هو إشارة إلى نوافل الصلوات
المفروضة، أو إلى بعضها، ويذكرون منها ركعتين قبل صلاة الصبح نافلة لها،
وفي ذلك حديث عن الإمامين أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق (عليه
السلام)، ومنها صلاة الليل، وفي ذلك حديث آخر أيضاً عن الإمامين (عليهما
السلام)أنهما قالا: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقوم من الليل
ثلاث مرات فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس آيات من آخر سورة آل عمران إلى
قوله: (إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) ثم يفتتح صلاة الليل.. وفي
تفسير علي بن إبراهيم(85): (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ)
قال: صلاة الليل (فَسَبِّحْهُ) قال: قبل صلاة الليل (وَإِدْبَارَ
النُّجُومِ) أخبرنا احمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن أبن أبي نصر عن الرضا
(عليه السلام) قال: (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) أربع ركعات بعد المغرب
(وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) ركعتان قبل صلاة الصبح.
وهذه الأقوال الثلاثة كلها محتملة، والله أعلم بحقيقة المراد منها.
ولكننا نقول إن التسبيح في الآية إذا كان أمراً بالصلاة المفروضة فتكون
أوقاتها في الآية ثلاثة لا خمسة، وهذا ما مر علينا صريحاً في روايات أهل
البيت (عليهم السلام) الذين هم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن
يفترقا) فاتبعهم.
أقوال وروايات أهل السنة في الآيتين الكريمتين:
وإليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآيتين الكريمتين:
1- اختار الطبري في (تفسيره) أن يكون الأمر بالتسبيح في الآيتين أمراً
للوجوب وأن التسبيح إنما هو الصلاة المكتوبة، وأن المراد من قوله
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) أي من منامك وذلك نوم القائلة،
وإنما عنى بها صلاة الظهر. وقوله (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ): إن
المراد به صلاة المغرب والعشاء، وروى تأييداً لهذا القول رواية عن أبن زيد،
وقوله (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) عنى بها الصلاة المكتوبة صلاة الفجر،
فراجع إذا شئت(86).
2- وقال الزمخشري المعتزلي في تفسيره:
(..(حِينَ تَقُومُ) من أي مكان قمت، وقيل: من منامك(وَإِدْبَارَ
النُّجُومِ) وإذا أدبرت النجوم من آخر الليل، وقرئ وأدبار بالفتح بمعنى في
أعقاب النجوم وآثارها إذا غربت، والمراد الأمر بقول: سبحان الله وبحمده في
هذه الأوقات، وقيل: التسبيح، الصلاة إذا قام من نومه، ومن الليل صلاة
العشائين، (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) صلاة الفجر)(87).
3- وقال الفخر الرازي في تفسيره:
(..(حِينَ تَقُومُ) فيه وجوه – إلى أن قال - : الثالث حين تقوم إلى الصلاة،
وقد ورد أنه (صلى الله عليه وآله)كان يقول في افتتاح الصلاة: سبحانك اللهم
وبحمدك – إلى أن قال - الخامس: حين تقوم أي بالنهار فإن الليل محلّ السكون
والنهار محل الأبتغاء وهو بالقيام أولى، وعلى هذا يكون كقوله (وَمِنْ
اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) إشارة إلى ما بقي من الزمان، وكذلك(وَإِدْبَارَ
النُّجُومِ) وهو أول الصبح. وقوله تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ
تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) وقد ذكرنا فائدة الاختصاص بهذه الأوقات
ومعناه.. وحينئذ تبين ما ذكرنا من الوجه الخامس في قوله(حِينَ تَقُومُ) أن
المراد النهار لأنه محل القيام، ومن الليل القدر الذي يكون الإنسان يقظاناً
فيه،(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) وقت الصبح)(88).
4- وقال أبن كثير الدمشقي في تفسيره:
(..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) قال الضحاك: أي إلى الصلاة
تقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك أسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك، وقد روي
مثله عن الربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهما. وقال أبو
الجوزاء (حين تقوم) أي من نومك من فراشك.. وقال أبن أبي نجيح عن مجاهد (حين
تقوم) قال: من كل مجلس، وأنه إذا أراد الرجل أن يقوم من مجلسه قال: سبحانك
اللهم وبحمدك..(وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي اذكره واعبده بالتلاوة
والصلاة في الليل، وقوله(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) قد تقدم أنهما الركعتان
اللتان قبل صلاة الفجر فإنهما مشروعتان عند أدبار النجوم أي جنوحها
للغيبوبة)(89).
5- وقال جلال الدين السيوطي في تفسيره:
(اخرج الفريابي، وأبن المنذر عن مجاهد في قوله:(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
حِينَ تَقُومُ) قال: من كل مجلس.. واخرج أبن أبي شيبة عن يحيى بن جعدة
قال: كفارة المجلس سبحانك وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك. وأخرج سعيد بن منصور،
وأبن أبي شيبة، وأبن جرير، وأبن المنذر عن الضحاك (حين تقوم) قال حين تقوم
إلى الصلاة تقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك أسمك وتعالى جدك ولا إله
غيرك.. وأخرج أبن مردويه عن أبن عباس (حين تقوم) قال: حين تقوم من فراشك
إلى أن تدخل في الصلاة، قوله تعالى (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) وأخرج أبن جرير وأبن أبي حاتم عن أبن عباس في قوله
(وإدبار النجوم) قال: ركعتي الفجر، وأخرج أبن جرير عن الضحاك (وإدبار
النجوم) قال: صلاة الغداة)(90).
6- وقال الجلالان السيوطي والمحلي في تفسيرهما:
(.."وسبّح" متلبساً "بحمد ربك" أي قل: سبحان الله وبحمده(حِينَ تَقُومُ) من
منامك، أو من مجلسك (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) حقيقة أيضاً،
(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) مصدر أي عقب غروبها سبّحه أيضاً، أو صلّ في الأول
العشائين وفي الثاني الفجر وقيل: الصبح)(91).
7- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره:
(..(وسبّحْ) أي نزّهه عما لا يليق به متلبساً (بِحَمْدِ رَبِّكَ) على
نعمائه الفائتة للحصر، (حِينَ تَقُومُ) من أي مكان قمت، قال سعيد بن جبير
وعطاء: أي قل حين تقوم من مجلسك: سبحانك اللهم وبحمدك. وقال أبن عباس:
معناه صلّ لله حين تقوم من منامك.. (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) إفراد
لبعض الليل بالتسبيح، (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) أي وقت إدبارها من آخر
الليل أي غيبتها بضوء الصباح، وقيل التسبيح من الليل صلاة العشائين (وإدبار
النجوم) صلاة الفجر)(92).
8- وقال الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره:
(..(وَسَبِّح بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) من أي مكان قمت، ومن منامك،
وإلى الصلاة، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ): وإذا
أدبرت النجوم من آخر الليل أي في أعقابها إذا غربت أو خفيت.. قيل: التسبيح
الصلاة إذا قام من نومه، ومن الليل صلاة العشائين،(وَإِدْبَارَ
النُّجُومِ) صلاة الفجر)(93).
9- وقال الأستاذ سيد قطب:
(..(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48)وَمِنْ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) فعلى مدار اليوم عند اليقظة من النوم،
وفي ثنايا الليل، وعند إدبار النجوم في الفجر، هنالك مجال الاستمتاع بهذا
الإيناس الحبيب، والتسبيح زاد وانس ومناجاة للقلوب، فكيف بقلب المحب الحبيب
القريب)(94).
الآية العاشرة والحادية عشرة في سورة الإنسان:
قال تعالى: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(25)وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا).
التحقيق حول الآيتين الكريمتين:
(صرح أكثر مفسري أهل السنة في تفاسيرهم أن الأوامر بهاتين الآيتين من ذكر
أسم الله والسجود له والتسبيح هي أوامر للوجوب بإقامة الصلوات الخمس
المكتوبة على النبي(صلى الله عليه وآله) وأمته، وإقامة صلاة الليل عليه
خاصة.
فقوله تعالى: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً) وقت لصلاة الفجر
(وَأَصِيلًا) وقت لصلاتي الظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ)
أي بعض الليل فأسجد له، وهو وقت لصلاتي المغرب والعشاء(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا
طَوِيلًا) أي تهجّد له وهو أمر خاص له بوجوب صلاة الليل عليه واستحبابها
لأمته.
قال شيخنا الطبرسي في (مجمع البيان): (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) يريد
التطوع بعد المكتوبة، وروي عن الرضا (عليه السلام) أنه سأله احمد بن محمد
عن هذه الآية وقال: وما ذلك التسبيح؟ قال: صلاة الليل)(95).
فظهر لنا جلياً أن أوقات الصلوات المكتوبة ثلاثة لا خمسة. وهذا ما مر علينا
صريحاً في روايات أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم مع القرآن والقرآن
معهم في كل آياته (لن يفترقا) فاتبعهم.
أقوال وروايات أهل السنة في الآيتين الكريمتين:
وإليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآيتين الكريمتين:
1- قال الطبري في تفسيره:
(..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) يقول تعالى ذكره: واذكر
يا محمد اسم ربك فادعه به، بكرة في صلاة الصبح، وأصيلا في صلاتي الظهر
والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) يقول: ومن الليل فاسجد له في
صلاتك، (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) يعني أكثر الليل)(96).
ثم روى الطبري بعض الأخبار المؤيدة لهذا المعنى، فراجع إذا شئت.
2- وقال الزمخشري المعتزلي في تفسيره:
(..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا): ودم على صلاة الفجر
والعصر (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) وبعض الليل فصلّ له، أو يعني
صلاة المغرب والعشاء.. (وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) فاسجد له)(97).
3- وقال الفخر الرازي في تفسيره:
(..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(25)وَمِنْ اللَّيْلِ
فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا): وفي هذه الآية قولان:
الأول- أن المراد هو الصلاة، قالوا: لأن التقيّد بالبكرة والأصيل يدل على
أن المراد من قوله: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ)، الصلوات. ثم قالوا: البكرة
هي صلاة الصبح، والأصيل صلاة الظهر والعصر،(وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ
لَهُ): المغرب والعشاء، فتكون هذه الكلمات جامعة للصلوات الخمس، وقوله
(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) المراد منه التهجّد.
والقول الثاني- إن المراد من قوله: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّك) إلى آخر الآية
ليس هو الصلاة بل المراد التسبيح الذي هو القول والاعتقادَ، والمقصود أن
يكون ذاكراً الله في جميع الأوقات ليلاً ونهاراً بقلبه ولسانه)(98).
4- وقال أبن كثير الدمشقي في تفسيره:
(..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) أي أول النهار وآخره،
(وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) كقوله
تعالى: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ
يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا))(99).
5- وقال جلال الدين السيوطي في تفسيره:
(واخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وأبن جرير، وأبن المنذر، عن قتادة عنه
(أي النبي-ص-) أنه بلغه أن أبا جهل قال – لما فرضت على النبي (صلى الله
عليه وآله)الصلاة وهو يومئذ بمكة- :لئن رأيت محمداً يصلي لأطأنّ على عنقه
فأنزل الله في ذلك: (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ
كَفُورًا(24)وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)…)(100).
6- وقال الجلالان في تفسيرهما:
(..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ) في الصلاة (بُكْرَةً وَأَصِيلًا) يعني الفجر
والظهر والعصر، (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) يعني المغرب والعشاء،
(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) صلّ التطوع فيه كما تقدم من ثلثيه أو نصفه
أو ثلثه)(101).
7- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره:
(..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا): وداوم على ذكره في جميع
الأوقات، أو على صلاة الفجر والظهر والعصر، فإن الأصيل ينتظمهما، (وَمِنْ
اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَه) وبعض الليل فصلّ له، ولعل صلاة المغرب والعشاء،
وتقديم الظرف لما في صلاة الليل من فريد كلفة وخلوص،ُ(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا
طَوِيلًا) وتهجّد له قطعاً من الليل طويلاً)(102).
8- وقال الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره:
(..(وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) : أي لا تطع كل واحد من
مرتكب الأثم، ومن متجاوز الحد في الكفر، فأو بمعنى الواو، فإذا قال لك
الآثم (وهو عتبة) اترك الصلاة وأنا أزوجك ابنتي وأسوقها إليك بغير مهر،
وإذا قال الكفور (وهو الوليد بن المغيرة): أنا أعطيك من المال حتى ترضى إذا
رجعت عن هذا الأمر، فلا تطع واحداً منهما ولا غيرهما، فقد أعددنا لك نصراً
في الدنيا وجنة في الآخرة قد عرفت وصفها، فلتستعد للنعيم المقيم بالصبر
أولاً، وداوم على ذكر ربك لا سيما وقت صلاة الفجر ووقت الظهر والعصر، وهذا
قوله تعالى: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) فهو إما بمعنى
الوقتين المذكورين (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) أي وبعض الليل فصلّ
له تعالى كصلاة المغرب والعشاء(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) أي وتهجّد
طائفة من الليل طويلة)(103).
9- وقال الأستاذ سيد قطب في تفسيره:
(..(وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(25)وَمِنْ اللَّيْلِ
فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا): هذا هو الزاد. اذكر اسم ربك
في الصباح والمساء، واسجد له بالليل سبحه طويلاً، إنه الاتصال بالمصدر
الذي نَزَّل عليك القرآن، وكلفك الدعوة، هو ينبوع القوة ومصدر الزاد
والمد..الاتصال به ذكراً وعبادة ودعاء وتسبيحاً..ليلا طويلاً..فالطريق
طويل، والعبء ثقيل، ولا بد من الزاد الكثير والمدد الكبير. وهو هناك حيث
يلتقي العبد بربه في خلوة وفي نجاء، وفي تطلع وفي أنس، تفيض منه الراحة على
التعب والضنى، وتفيض منه القوة على الضعف والعلة، وحيث تنفض منه الروح
عنها صغائر المشاغل والشواغل، وترى عظمة التكليف، وضخامة الأمانة. فتستصغر
ما لاقت وما تلاقي من أشواك الطريق)(104).
تعليق لأحد المفسرين على آيات مواقيت الصلاة:
قال الأستاذ محمد عزة دروزة في تفسيره(105)، عند تفسير آيتي (39،40) من
سورة "ق" تحت عنوان (تعليق على مدى العبارات القرآنية في تعيين أوقات
الصلوات) ما يلي: (وقد علق بعض المفسرين على ما احتوته الآيات (39،40) من
ذكر أوقات التسبيح التي أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالتسبيح فيها بحمد
ربه فقال: إنها بصدد أوقات الصلوات الخمس. ولقد تكرر الأمر والحث على ذكر
الله وقراءة القرآن وإقامة الصلوات مقروناً بذكر أوقات معينة من الليل
والنهار كما في آية هود هذه:(وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ
وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [114]، وفي آيات سورة الإسراء هذه:(أَقِمْ
الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ
الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنْ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا
مَحْمُوداً) [78،79]. وفي آيات سورة طه هذه:(فَاصْبِرْ عَلَى مَا
يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ
غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ
لَعَلَّكَ تَرْضَى) [130]. ومع أن المتبادر من روح الآيات هو قصد الأمر
بذكر الله وعبادته في جميع الأوقات فأن مما يحتمل أيضاً أن يكون قد انطوى
فيها قصد الصلوات الخمس المفروضة وأوقاتها. وإذا صح هذا ففيه دلالة على أن
الصلوات الخمس في الليل والنهار مما كان ممارساً منذ عهد مبكر من البعثة،
أو على الأقل فيه دلالة على أن النبي(صلى الله عليه وآله) والمؤمنين كانوا
يقيمون الصلاة في أوقات عديدة من الليل والنهار منذ أوائل البعثة إذا صحّ
أن الصلوات الخمس لم تفرض فرضاً محدوداً إلا في ظروف الإسراء، أي في السنة
الرابعة من البعثة على ما شرحناه في سياق سورة العلق.
وواضح من آيات هذه السور والآيات الأخرى التي أوردناها آنفاً لا تحتوي
أسماء الأوقات صراحة ولا تحدّدها تحديداً معيّناً وقاطعاً. وهذا ما تكفّلت
به السنة النبوية التي تكفّلت بشرح وتحديد كثير من التعليمات والتشريعات
والخطوط القرآنية).
جوابنا على هذا التعليق:
(الآيات القرآنية تحدد أوقات الصلوات أولها وآخرها).
الحقيقة إن الذي يتدبر مجموع تلك الآيات التي استعرضت أوقات الصلوات يجدها
قد أوضحت أسماء الأوقات وحددتها تحديداً معيناً وظاهراً بيّناً، وإليك بيان
ذلك:
الصلوات الخمس (نهاراً وليلاً)، وصلاة النهار هي الصبح والظهر والعصر.
أما الصبح فقد حددت الآيات أول وقتها وآخره. أول وقتها محدد بقوله في آية
سورة الإسراء(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) فيكون أول وقتها طلوع الفجر، وبقوله في
آية سورة هود(طَرَفِي النَّهَارِ)، والمعلوم أن الطرف الأول من النهار
يبتدئ من طلوع الفجر. وهكذا بقوله في سورة الروم (وَحِينَ تُصْبِحُونَ)،
وكون أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر هذا لا خلاف فيه.
نعم هناك من خالف في آخر وقتها في حين، آخر وقتها معين ومحدد بقوله تعالى
في سورتي طه، وق (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ). فظهر لنا جلياً أن صلاة الصبح
أول وقتها الفجر، ويبقى مستمراً إلى ما قبل طلوع الشمس، فلو صلى المصلي
صلاة الصبح قبل طلوع الشمس ولو بدقيقة واحدة فقد صلاها بوقتها المبين
والظاهر المحدد في الآيات. نعم لا خلاف بين المسلمين أن الصلاة في أوائل
الأوقات أفضل من أواخره.
وأما صلاتي الظهر والعصر فقد بَينت آية سورة الإسراء أول وقتهما بقوله
تعالى: (أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ودلوك الشمس (كما مر علينا
تحقيقه) هو زوالها في منتصف النهار، وهو الذي نص عليه الإمامان الباقر
والصادق عليهما السلام، وعليه اتفاق الشيعة، ووافقهم على هذا أكثر أهل
السنة كما نص على ذلك الفخر الرازي، ومحمد عزة دروزة نفسه في تفسير الآية
(106). وقد أشارت إلى أول وقت الظهر والعصر آية سورة هود بقوله (طَرَفِي
النَّهَارِ) والطرف الثاني من النهار يبدأ من زوال الشمس ظهراً وينتهي
بغروبها، وهو آخر وقت صلاة النهار: الظهر والعصر. وبيّنت أيضاً آيتا طه، وق
آخر وقتهما صراحة بقوله تعالى:(وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) وقوله: (وَقَبْلَ
الْغُرُوبِ) فعلى هذا يكون وقت صلاتي الظهر والعصر يبدأ من زوال الشمس
ظهراً إلى غروبها تصريحاً وتحديداً.
أما الصلاة المفروضة ليلاً فهي المغرب والعشاء، وقد بيّنت سورة الإسراء
انتهاء وقتهما بقوله: (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) وغسق الليل إما ظلمته وإما
نصفه وهو الأشهر والأصح. فإذا فسر الغسق بنصف الليل فيعلم أن انتهاء وقتهما
نصف الليل، وإذا فسر الغسق بظلمة الليل فالظلمة تستمر إلى ما بعد نصف
الليل، ولكن لما بيّنت آية سورة هود بقوله:(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ)
وفسرت بساعات من الليل قريبة من النهار فيعلم أن صلاتي المغرب والعشاء يبدأ
وقتهما من أول الليل إلى ساعات منه حتى تصل إلى نصفه، وما بعد النصف لا
تكون ساعات قريبة بل تكون بعيدة. وهكذا قوله تعالى في سورة طه:(وَمِنْ
آنَاءِ اللَّيْلِ) وقوله في سورة ق وسورة الطور، وسورة الإنسان:(وَمِنْ
اللَّيْلِ)، ومِن للتبعيض بلا خلاف أي بعض الليل لا كله.
كما أن الظاهر من آيتي سورة الروم بيان أن الجمع بين الصلاتين مشرع ولا
مانع منه، لذا عيَنت الآية الأولى وقتاً واحداً لصلاتي المغرب والعشاء
بنصها: (وحِينَ تُمْسُونَ)، ثم بيان إن التفريق بين الصلاتين مشرّع أيضاً
ولا مانع منه لذا ذكرت الآية الثانية وقتاً خاصاً لصلاة الظهر، وآخر لصلاة
العصر بنصها:(وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) راجع كلامنا حول الآيتين
وتحقيقاً لهذا الظاهر، فالآيتان من سورة الروم والآيات الأخرى التي استعرضت
أوقات الصلوات وتحديدها جاءت مؤيدة لروايات أهل البيت (عليهم السلام) في
أوقات الصلوات وتحديدها، وجواز الجمع بين الصلاتين، وجواز التفريق بينهما
أيضاً، وأنهم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن يفترقا) فاتبعهم.
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [سورة التوبة/ 120].
الهوامش:
1- أصول الكافي، كتاب العلم، باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب، ج1/ 69، وتجدها في تفسير العياشي ج1/ ص8.
2- المصدر السابق.
3- المصدر السابق.
4- الغدير ج8/ 27 ط النجف نقلاً عن صحيح البخاري.
5- مجمع البحرين، كتاب الفاء، باب ما أوله الطاء، ص382.
6- مجمع البحرين، كتاب الفاء، باب ما أوله الزاي، ص378.
7- التفسير الكبير، لمحمد بن جرير الطبري، ج12/71، المطبعة الميمنية بمصر.
8- أهل التأويل عند الطبري وغيره من أهل السنة هم أمثال عبد الله بن عباس،
وعبد الله أبن مسعود، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وغيرهم من الأصحاب،
وكذلك قتادة ومجاهد والضحاك والحسن البصري وغيرهم من التابعين. أما أهل
التأويل عند الشيعة فهم الأئمة من أهل البيت بعد جدهم الأعظم (ص) فقط،
وأنهم هم المعنيون بقوله تعالى في سورة آل عمران/7: "وَمَا يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ".
9- أحكام القرآن ج2/267، مطبعة الأوقاف الإسلامية، 1335هـ .
10- الكشاف عن حقائق التنزيل، ج1/616، مطبعة محمد مصطفى، 1308هـ.
11- مفاتيح الغيب ج5/95، المطبعة الخيرية، 1308هـ.
12- وفي رواية أخرى عن الحسن: إنها هي الصبح والظهر والعصر.
13- تفسير القرآن العظيم، لأبن كثير ج2/462، مطبعة الاستقامة 1373هـ.
14- الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ج3/ 351، المطبعة الميمنية 1314هـ.
15- تفسير الجلالين ص180، ط مصر 1370 هـ.
16- هامش تفسير مفاتيح الغيب ج5/ 84، المطبعة الخيرية مصر 1380هـ.
17- تفسير الجواهر ج6/178، ط مصطفى البابي بمصر 1346 هـ.
18- في ظلال القرآن ج12/ 68، ط دار أحياء الكتب العربية.
19- لا نعلم أحداً شذ عن هذا الاتفاق غير سيد قطب، وستقرأ رأيه في المراد من الصلاة في الآية ونقاشنا له في الموضوع.
20- كما في (مفاتيح الغيب) ج5/ 422، و(التفسير الحديث) ج3/ 259.
21- الموطأ: لمالك بن انس، المطبوع في ذيله (شرح الزرقاني) ج1/ 28.
22- تفسير التبيان: للشيخ الطوسي ج6/ 509-510.
23- تفسير الطبري ج5/ 85.
24- والظاهر يعني به عمرو بن العاص.
25- أحكام القرآن: للجصاص ج2/ 266.
26- نفس المصدر السابق ج2/267.
27- الكشاف في تفسير القرآن ج1/ 715.
28- مفاتيح الغيب: للفخر الرازي ج5/422.
29- تفسير القرآن العظيم لأبن كثير الدمشقي ج3/ ص53-54.
30- الدر المنثور للسيوطي ج4/ 195. قال بعض المفسرين المعاصرين في تفسيره:
وأجمع المفسرون –بشهادة الطبرسي والرازي- على أن المراد بقوله تعالى:
"مشهوداً" أن ملائكة الليل والنهار يجتمعون ليشهدوا صلاة الصبح، استناداً
إلى رواية رواها البخاري عن أبي هريرة في ج6 فصل سورة بني إسرائيل.. ثم
قال: ونحن في شك من هذه الرواية، ونفسر (مشهوداً) بحضور الحواس لأن الإنسان
عند الصباح يكون حاضر الحواس بعد أن أخذت قسطاً من الراحة بالنوم، وبقيت
أمداً بلا عمل ولذا قيل: ما أنقض النوم لعزائم اليوم. انتهى.
وأنا لا أدري هل فسر (مشهوداً) بحضور الحواس من نفسه فيكون تفسيراً بالرأي
والاستحسان، أو وجد بذلك نصاً عن معصوم أو غيره فالله أعلم، وعدم الوجد أن
لا يدل على عدم الوجود.
ولكن نقول من أين علم أن المفسرين إنما أجمعوا –على أن (مشهوداً) أن ملائكة
الليل والنهار يجتمعون ليشهدوا صلاة الصبح- استناداً إلى رواية أبي هريرة،
في حين هذا المعنى مروي من طرق الفريقين، ومروي أيضاً عن الإمام الصادق
(ع) كما في الكافي ج3/ ص282، وفي علل الشرائع ج2/ ص336 (باب العلة التي من
أجلها يستحب أن يصلى صلاة الصبح مع الفجر) والاستبصار ج1/ 275 بسنده عن
إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (ع) أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة
الفجر؟ قال: مع طلوع الفجر، أن الله تبارك وتعالى يقول: "إِنَّ قُرْآنَ
الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا": يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة
النهار، فإذا صلى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين، أثبتتها
ملائكة الليل وملائكة النهار. ورواه الصدوق أيضاً في (ثواب الأعمال) ص36.
ونقله المجلسي في البحار ج83/ ص72 عن العلل بسنده. وقال علي بن إبراهيم
القمي في تفسيره ج2/ ص25 قال يعني الإمام الصادق: تشهده ملائكة الليل
وملائكة النهار. وفي تفسير العياشي ج2/ ص308 و309 و310 روايات عديدة ومن
طرق كثيرة عن الإمامين الباقر والصادق، بأن مشهوداً تشهدها ملائكة الليل
وملائكة النهار فراجع.
ولعل المفسر لم يقف إلا على رواية أبي هريرة فقط فلذا شك في صحتها، وهذا من
باب ما قيل في المثل المعروف: (يفوتك من الكذاب صدق كثير) لأن أبا هريرة
من الكذابين بلا ريب، راجع ترجمته مفصلاً، وأحاديثه كماً وكيفاً في كتاب
(أبو هريرة) لسيدنا آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين، وكتاب (شيخ
المضيرة) أبي هريرة الدوسي للأستاذ محمود أبو رية، لتتجلى لك حقيقة أبي
هريرة تماماً. ولكن هذا لا يعني أن كل ما ورد عن أبي هريرة فهو كذب، بل
ينظر إلى حديثه نظر التثبت والعرض على الأدلة، وعلى ما رواه غيره، وعلى ما
ثبت عن أهل بيت العصمة فأن وافق ذلك وإلا فيضرب بحديثه عرض الجدار ولا
كرامة.
31- تفسير الجلالين ص225.
32- تفسير أبي السعود ج6/ 4-5.
33- القراءة واجبة في الصلاة ولا تصح بدونها، ولكنها ليست ركناً بالمعنى الفقهي.
34- تفسير الجواهر ج9/ 77.
35- في ظلال القرآن ج15/ 61.
36- راجع (تفسير الميزان) للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ج14/ 255، و(مفاتيح الغيب) للفخر الرازي ج6/ 81.
37- المنار في تفسير القرآن ج2/ 437.
38- راجع فتوى مالك في وقت الصبح.
39- راجع فتوى مالك في وقت العصر.
40- راجع فتوى احمد بن حنبل في وقت العصر.
41- راجع فتوى أبي حنيفة، ومحمد بن إدريس الشافعي في وقت صلاة العشاء.
42- فروع الكافي ج3-444 ط حيدري طهران، ونقله العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي في (الميزان) ج14-261.
43- تفسير الطبري ج16/151.
44- تفسير الطبري ج16/152.
45- أحكام القرآن للجصاص ج2/267.
46- تفسير الكشاف للزمخشري ج2/38.
47- تفسير مفاتيح الغيب للرازي ج6/81.
48- المصدر السابق ج6/82.
49- تفسير القرآن العظيم لأبن كثير ج3/170.
50- الدر المنثور ج4/312. واختصر السيوطي هذا الحديث فأسقط أوله، وسنذكره
بنصه من (مستدرك الحاكم) تحت عنوان (مواقيت الصلوات في السنة النبوية) كما
اختصر الحديث السابق فأسقط آخره، وسنذكره بنصه أيضاً.
51- تفسير الجلالين /251.
52- تفسير أبي السعود ج6/ 272.
53- تفسير الجواهر ج10/ 142-143.
54- في ظلال القرآن ج16/ 107.
55- كذا في المتن، ولم تذكر معها العشاء، والظاهر أن كلمة (والعشاء) ساقطة
في الطبع إذ أن الطبري بعد أن ذكر قوله هذا أيده برواياتهم التي تذكر صلاة
العشاء بعد المغرب.
56- تفسير الطبري ج21/ 18.
57- أحكام القرآن للجصاص ج2/ 267.
58- تفسير الكشاف للزمخشري ج2/ 186.
59- تفسير مفاتيح الغيب للرازي ج6/ 471.
60- تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3/ 428.
61- سورة النور /59.
62- الدر المنثور ج5/ 154.
63- تفسير الجلالين/318.
64- تفسير أبي السعود ج6/272.
65- تفسير الجواهر ج5/23.
66- في ظلال القرآن ج21/34.
67- راجع كلامنا حول الآية الثالثة.
68- منها ما عن أبن عباس إنه قال في تفسير الآيتين بما نصه: وقال أبن عباس
الصلاة قبل طلوع الشمس صلاة الفجر، وقبل الغروب الظهر والعصر، ومن الليل
العشاءان، وأدبار السجود النوافل بعد الفرائض، تفسير المراغي ج26/170.
69- ج3/444.
70- قلائد الدرر في بيان آيات الأحكام بالأثر ج1/109.
71- نقل هذا الحديث الشيخ احمد الجزائري في (قلائد الدرر) ج1/109 عن تفسير
علي بن إبراهيم بسنده، إلا أن الراوي فيه عن الإمام هو أبن أبي نصر، وهو
الصحيح، وكلمة (بصير) خطأ مطبعي.
72- تفسير علي بن إبراهيم ج2/327.
73- تفسير الطبري ج26/100-101، والمقتضي أن يقول: وصلاة الظهر والعصر قبل الغروب.
74- أحكام القرآن ج2/267.
75- تفسير الكشاف ج2/406.
76- تفسير مفاتيح الغيب ج7/447.
77- تفسير أبن كثير ج4/229.
78- تفسير الدر المنثور ج6/110.
79- تفسير الجلالين/412
80- تفسير أبي السعود ج8/161.
81- تفسير الجواهر ج23/12.
82- في ظلال القرآن ج26/169.
83- راجع (مجمع البيان) ج5/ 170، و(كنز العرفان) ج1/62، و(زبدة البيان في
أحكام القرآن) ص61، و(قلائد الدرر) للمحقق الشيخ أحمد الجزائري ج1/109.
84- نام في القائلة: أي في منتصف النهار.
85- ج2/333.
86- تفسير الطبري ج27/21.
87- تفسير الكشاف ج2/ 414-415.
88- تفسير مفاتيح الغيب ج7/503.
89- تفسير أبن كثير ج4/245.
90- تفسير الدر المنثور ج6/120.
91- تفسير الجلالين/417.
92- تفسير أبي السعود ج8/179.
93- تفسير الجواهر ج23/216.
94- في ظلال القرآن ج27/48.
95- راجع ج5/413 من الكتاب المذكور.
96- تفسير الطبري ج29/121.
97- الكشاف في تفسير القرآن ج2/514.
98- تفسير مفاتيح الغيب ج8/306.
99- تفسير القرآن العظيم ج4/458.
100- تفسير الدر المنثور ج6/303.
101- تفسير الجلالين/465.
102- تفسير أبي السعود ج8/370.
103- تفسير الجواهر ج24/313.
104- في ظلال القرآن ج29/230.
105- التفسير الحديث – السور مرتبة على حسب النزول - ج2/45، ط دار إحياء الكتب العربية –1381هـ.
106- التفسير الحديث ج3/259.
الشيخ عبد اللطيف البغدادي
*************************